في قناته "منبر واصل" على يوتيوب يتبنى الصديق والكاتب الصحفي الدكتور مصطفي عبد الرازق تقديم صورة مختلفة عن برامج الفكر الإسلامي، وليس مجرد "الإسلام السياسي"، فالفرق واضح فيما يقدمه هو، وبين ما يقدمه الآخرون في مقالات ودراسات.

فغالبية من يتبنون دراسات الإسلام السياسي، يغلب عليهم طابع المصلحة والمغانم المادية، في وقت تحولت فيه قضية "الإسلام السياسي" إلى "سبوبة"، لكل من يريد الاسترزاق، بينما قلة هم أصحاب الرؤية والقضية في هذا الملف المهم والمهمومين به وبما وراء هذا الشأن.

في المقابل وخلال 34 حلقة حتى الآن يسعى الدكتور مصطفي عبد الرازق لتقديم رؤية مختلفة لعدد من قضايا الفكر الإسلامي، انطلاقا من أرضية حددها في رسالته الأولى للبرنامج والتي أكد فيها أن "منبر واصل.. منصة الكترونية مرئية تطل علي متابعيها من خلال اليوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي.. وتهدف إلي تعزيز الثقافة الإسلامية الوسطية من خلال تقديم مواد متنوعة من بينها عرض فكر رموز التنوير العربي والاسلامي في عالمنا المعاصر وكذلك تقديم مراجعات للكتب الحديثة والتراثية بما يساهم في التعريف بقضايانا الحديثة وتراث الأقدمين، كما تقدم لقاء شهريا مفتوحا مع المتابعين وتعرض للقضايا التي تشغل بال الكثير من المسلمين وتثير الجدل بينهم فضلا عن لقاءات وحوارات مع رموز الثقافة والفكر في مصر إلي جانب الإعداد مستقبلا لتنظيم ندوات مختلفة لتوسيع دائرة الحوار والنقاش حول الموضوعات الملحة والمطروحة علي المسلمين في واقعهم المعاصر، وشعارها هو "الوسطية" منزلة بين الافراط والتفريط وضرورة إعلاء العقل".

ومن لا يعرف الكاتب والباحث الدكتور مصطفي عبد الرازق فهو رجل مهموم بالفكر الإسلامي الوسطي، ومنقب في تراث الكتب ذات العلاقة بالفكر الإسلامي، وباحث عن الحقيقة وكل المسكوت عنه في هذا المجال، من أجل المعرفة، ونشر ما يهم أصحاب الفكر والمهتمين بقضايا الإسلام والخطاب الديني، وكل ما يتعلق بأمور تجديد الفكر والخطاب الديني المستنير.

والمتابع لمنبر واصل من أول حلقة يلاحظ أن في كل حلقة إضافة مهمة، في البحث في كنوز الفكر، ومناقشة أمور شغلت الناس على مدى سنوات طويلة، مثل أراء "إبن تيمية، والخلاف حولها، ورؤى المفكرين والباحثين في أفكار "إبن تيمية"، بين مؤيد ومعارض ومدافع، ونفس الشئ حول فكر "ابن رشد"، والعلاقة بين فكره في الغرب والشرق.

ومن اللافت للنظر أن منبر واصل يعتبر قراءة في كتب الفكر الإسلامي بشتى تواجهاتها، ليقدم وجبة سهلة التناول لكتب قد يكون كثيرون لم يقرأوها، بل هذا التناول يمثل في مجملة دافعا لقراءة مثل هذه الأعمال الفكرية، أو إعادة قراءتها لاستكشاف جوانب جديدة فيها نوه إليها ما عرضه عبد الرازق من خلال "منبر واصل".

الأهمية الجديدة في منبر واصل عن غيره من البرامج المشابهة، أو من كتابات بعض المهتمين بقضايا الفكر الإسلامي، أو الإسلام السياسي، أنه محور اللقاءات التي تم بثها حتى كتابة هذه السطور، طغت عليها عقلية الباحث بعيدا عن مفهوم الإنحياز، لفكرة ورؤية معينة بذاتها.

نستطيع القول أن ما يقدمه "منبر واصل" هو عين ثالثة في قراءة إنتاج الباحثين في الفكر الإسلامي، من بينها الجدل حول "صحيح البخاري"، وقراءة في فكر الإمام "البخاري"، وتحميله حالة التردي للخطاب الديني، بعدما أصبح البخاري مثار جدل، وما يحتويه "صحيح البخاري" من أفكار وأحاديث لا تتوافق والمنهج العقلي.

حالة من الحركة السريعة من عصر إلى عصر ينتقل بنا بينها "منبر واصل" من عمق تاريخ الإسلام وفكره، من خلال التعرض للعديد من القضايا المسكوت عنها، مثل خلافات الصحابة رضوان الله عنهم، إلى الجدل في القرن الماضي حول رواية "أولاد حارتنا" للأديب الكبير وصاحب نوبل، "نجيب محفوظ"، وتفاوت الرؤي حولها، ومن هنا تعرض "منبر واصل" لرؤى مختلفة حول الرواية، وتناولها للذات الإلهية، والأنبياء.

وحالة التنوع في "منبر واصل" فيما يقدمه من قراءات لتاريخ الإسلام في العالم، مع حوارات مفتوحة مع من يحملون على عاتقهم راية البحث في علوم الفكر الإسلامي، وفلسفته، او ما يعرف بـ"علم الكلام"، بخلاف تناول ما جرى للإسلام في الغرب والإرهاب والفكر المتشدد، و القضايا محل إهتمام المفكرين والباحثين، وإن جاءت القضايا العامة حتى الآن بشكل أقل في "منبرواصل".

يعتبر "منبر واصل" فيما قدمه الأن، هو بمثابة جهد مؤسسة يقوم به فرد واحد، عبر منتجات متنوعة، بينها النقاش والحوار عبر ندوات، محددة الأهداف.
-------------------------------
بقلم: محمود الحضري